الوفاء بالوعد وبعض ضوابطه
لا شك أن الوفاء بالوعد والعهد من صفات المؤمنين ، وأن إخلافهما من صفات المنافقين ، كما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” أربع من كن فيه كان منافقا ، ومن كانت فيه خصلة من أربعة : كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر – رواه البخاري والمؤمن الذي يواعد الناس ويخلف وعده إما أن يكون معذورا أو لا يكون كذلك، فإن كان معذورا فلا إثم عليه، وإن لم يكن معذورا : كان آثما.
ولم يأت نص – فيما نعلم – يجمع ما استثني من تحريم إخلاف الوفاء بالوعد والعهد ، لكن يمكن أن يكون إخلاف الوعد أو العهد في حالات يعذر فيها المؤمن ، منها :
أ‌. النسيان . وقد عفا الله تعالى عن النسيان في ترك واجب أو فعل محرم ، كما قال الله تعالى : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال الله تعالى : ” نعم ” – رواه مسلم من حديث أبي هريرة – ، وفي رواية : ” قد فعلت ” – رواه مسلم فمن واعد شخصا ثم نسي الوعد أو نسي وقته : فلا حرج عليه .
ب‌. الإكراه على إخلاف الوعد .والإكراه : أحد الموانع التي تجيز للمسلم التخلف عن الموعد ، كمن حبس أو منع من الوفاء بالوعد أو هدد بعقوبة تؤلمه .فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ” .رواه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني
ج‌. الوعد على فعل محرم أو ترك واجب .فمن وعد شخصا على أن يفعل له محرما ، أو يترك واجبا فإنه لا يجوز الوفاء به .ويمكن الاستدلال بحديث عائشة – ويسمى حديث بريرة – وهو في الصحيحين – وقد وعدت عائشة – رضي الله عنها – أهل بريرة على أن يكون ولاء بريرة لهم على حسب طلبهم مع أن عائشة – رضي الله عنها – هي التي ستعتقها ، ولم تف بهذا الوعد ؛ لأنهم خالفوا الشرع وهم يعلمون أن ” الولاء لمن أعتق ” ، فكيف تعتقها عائشة ويكون ولاء بريرة لهم ؟ .
د‌. حصول طارئ مع صاحب الموعد من مرض أو وفاة قريب أو تعطل وسيلة النقل … الخ .وهي أعذار كثيرة ، تدخل في قوله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
الإسلام سؤال وجواب